خالد الملحم: عوائقنا “سيادية” !

خالياً من كل المُقدمات، باغت المُهندس خالد الملحم الحضور الذي التئم لمناقشته بشأن مشكلات الناقل الوطني ومستقبل قطاع الطيران، الى اعتبار أن مُستقبل الخطوط السعودية مرهون بقرارات سيادية، يُخلص هو مع نفسه، حين يُجيب أنه شخصياً لا يدري متى تأتي!

“تسجل قوائمنا المالية خسائر لأننا نتقيّد بتبعات قرار سيادي يقضي بتثبيت أسعار الرحلات الداخلية- التي تُطرح للجمهور بأقل من أكلافها الحقيقية منذ 16 عاماً، وضداً على المعايير التجارية العالمية من فسح المجال لمبدأ التفاوت السِعري بحسب أزمان وشروط بيع التذاكر”، يقول الملحم. وعمّا ان كانت الدولة تتحمل هامش الخسارة، يجيب الملحم “كانت تردنا اعانات من الدولة تصل الى 900 مليون ريال سنوياً، تقلّصت تدريجياً حتى وصلت الى الصفر”.

وتخدم الخطوط السعودية، بشكل الزامي، 26 محطة محليّة، فيها 240 رحلة داخلية يومية (من أصل 440 رحلة يومية)، ابتداءً من خط الرياض-جدة الذي يُعد الأقل تسجيلاً لهامش خسارة، بسبب ايرادات الدرجات الأولى والأُفق التي تغطي حتى 15% من الايراد، اضافة الى الطلب الكثيف على باقي المقاعد، حتى خط الرياض-الدوادمي، الذي يسجل معدلات نقل ركاب شبه خالية، تصل أحياناً الى 3 أو 4 رُكاب في الرحلة!

ويتوسّع الملحم في طرح المعوقات التي تعوز قرارات من طبيعة سيادية، مُشيراً الى الفرص الهائلة التي نفوّتها في قطاع الترانزيت، واعادة الإركاب (Repositioning)، التي يترتب عليها نزيفاً هائلاً ومُدمياً ندفعه باهظاً من أنصبة سوق الطيران المُتنامي بالمنطقة.

“فيما نحمل 18 مليون مسافر سنوياً، تصل الفرصة الفعليّة لمنطقة الحجاز وحدها، الى 40 مليون مسافر في حال استثمار برنامج العُمرة الترانزيت – خصوصاً أن تلك شرائح يمكن أن تصنع معها شراكات حضارية، تُسهم في انعاش الدورة الإقتصادية والحركة السياحية، بل وتُقدم نفسها كشريحة مستهدفة لمُنتجات العقار بالمُدن الاقتصادية، ووِحدات التايم شاير بمكة”، يقول الملحم.

لكن رؤية اقتصادية كهذه تعوز تضافراً بين القطاعات ذات العلاقة، وارادة سياسية حاسمة من قبلها، لا تبدو أنها متوفرة في المدى القريب، اذا ما علمنا أن درجة الهدر وصلت الى حد ايقاف تأشيرات العمرة في فترة اجازة الفصح الأمريكية، التي تُعتبر من أكبر مواسم العُمرة لمُسلمي أمريكا الشمالية!

ولا يقف الملحم عند هذا الحد، فهو يشكو من قلة عدة الطائرات. وليست هذه سُخرية. يقول: “لدينا 50 طائرة تتنزل في خطوط الخدمة المحلية، لكنّا في حاجة الى 50 طائرة أخرى. لكن تعوزنا السيولة لشراء المزيد من الطائرات، التي لغياب الإعانة الحكومية، يجب علينا أن نقتطعها من ايراداتنا الذاتية”.. فالخطوط السعودية، تخضع لنظام الموازنة المُستقلة؛ فهي تقوم بتمويل نفقاتها بنفسها ولا تلجأ للدولة – بخلاف الفهم السائد.

هذه العلاقة الملتبسة بين الخطوط السعودية في مرحلتها الإنتقالية، وبين بقايا الأنظمة الحكومية التي تلتزمها، يجثُم على الشركة بمزيد من الأحمال – وفي طليعتها أحمال نظام الخدمة المدنيّة. فما توفره الخطوط من سيولة مالية تتأتى من تخفيض حجم الموظفين عبر برنامجها الطموح الشيك الذهبي، تضطر الى اعادة ضخه من جديد نتيجة التزامها بقرارات الزيادات الحكومية للرواتب، وآخرها راتب الشهرين الذي  كلّف وحده خزينتها “خمسمائة مليون ريال” – كما يعترف الملحم.

ولا تقتصر عيوب أنظمة الخدمة المدنية عند حد ارباك الخطط المالية، بل يتعداه ليشمل كل ما يتعلق بالكفاءة والإنتاجيّة وأخلاقيات العمل. يقول الملحم: “لدينا 800 موظف يعمل في وظائف المراكز الهاتفية (Call Centers).. وحين نكتشف تلاعباً ما من أحد الموظفين في الحجوزات، نقوم بفصله، لكنه لا يلبث الا ويتقدم بشكوتنا، فتأتي -بحسب النظام- لجنة عسكرية من وزارة الدفاع، تعيد التحقيق، ويحدث في كثير من الأحيان، أن يعود”!

ويدعم الملحم وجهة نظره بالنجاحات التي سجّلتها ادارته في المساحات التي لم تكن رهناً للقرار السيادي، من تقليص 5200 موظف من الجسد الوظيفي المُتضخم، وادخال أسطول جديد للخدمة، وإعمال أنظمة حجز وأداء وتدريب حديثة، ناهيك عن نجاحات مسارات تخصيص الوحدات الرابحة التي تمت بإشراف مورجان ستانلي والبنك الأهلي؛ لوِحدة الخدمات الأرضيّة، ووحدة التموين، ووحدة الشحن – التي حصلت بالضرورة لكونها قطاعات ربحية تقع خارج دائرة “القرارات السيادية”.

الملحم ختم حديثه بتوقعات مثيرة للجدل ازاء مُستقبل قطاع الطيران بالمنطقة، اذ توقع خروج طيرانيّ الاتحاد والخليج من المُنافسة، وتفرّد طيران الامارات والخطوط القطرية بالكعكة الأكبر. وماذا عن الخطوط السعودية؟ يجيب الملحم: “ذلك مرهون بالقرارات السيادية“!

الإعلان
هذا المنشور نشر في مٌباشرة للتدوين. حفظ الرابط الثابت.

8 Responses to خالد الملحم: عوائقنا “سيادية” !

  1. خالد المالكي كتب:

    طيب وانت بما أنك حضرت وسمعت ولابد أنك ناقشت . .
    مارأيك؟
    أخي الفاضل أنته مدون ولست صحفي أخبار رغم أنه حتى صحفيو الأخبار أصبحو يعلقون عليها !

    • يظل التدوين “تدويناً” – اي تسجيلاً، اما لرأي، او لتاريخ شفهي، او لشهادات في صيغة السرد الصحفي، حتى انه يجوز لذلك ان يكون كتابة، او تسجيلاً صوتياً او بصرياً.. وليس من المطلوب إقحام الرأي دائماً، خصوصاً اذا كان الهدف استعراض أفكار ما، ليس لغرض التأييد والمباركة بالضرورة، ولكن لغرض تحرييك الراكد واستثارة التعليقات ازاءها.  

      • خالد المالكي كتب:

        أحترم رأيك فهذا محلك أولاً وأخيراً . .
        لكن هل أفهم من ذلك أنك تريد منا نحن القراء أن نكتب رأينا في كلام الملحم هنا؟
        طيب سأكتب . . ولكن مارأيك أنت؟

  2. ياسر كتب:

    شكرًا يا محمود. لكن السيد الملحم يمثل شريحة عندي مشكلة معها. يقبلون أدوارا فيها تحد كبير. ثم يضعون الاهداف و متطلبات بلوغ الاهداف. عندها هم امام اختيارين: اما ان يتم منحهم ما يريدون او الحد الادنى المقبول. او ان يرحلو. اما الاختيار الثالث بان يبقى قائدا للفشل فهو للأسف الاختيار الدارج.

    الرجل لا يحتاج هذه الوظيفة ليأكل منها عيش. فهو ميسور مستور كما تواترت الاخبار. يمشي احسن من الفضفضه المقززه المذكورة اعلاه

  3. هاشم الصافي كتب:

    أبسط الامور أن يبين أثر التذاكر الحكومية و المراسم على أداء الخطوط ماليا قبا أن يتكلم عل التذاكر ثم أن الاسعار مشابهة لخطوط اخرى مع العلم أن سعر الوقود مدعوم. أيضا الرجل عندما يتكلم عن طيران الاتحاد بأنه لن يستمر جدا فيه قصر نظر و عدم المام بالمنافسة

  4. saif alsaif كتب:

    ما ذنب الخطوط السعوديه تلزمها بتشغيل رحلات داخليه لا يوجد فيها سوى 4 ركاب
    أفتح المجال للنقل البري أفضل
    الخسائر لا بد أن يتحملها من الزم الخطوط بذلك
    ولكن لا بد من تحسين مستوى موظفي الخطوط السعوديه

  5. بوبو كتب:

    1ـ لمن لا يعلم فان رسالة السعودية كناقل وطني ليس تحقيق الربح وانما ربط مدن المملكة وهذا مذكور في نظامها الاساسي ولائحة موظفي وعمال السعودية وبالتالي لا تسأل عن التشغيل التجاري مالم تحررهذا القطاع من قيود الانظمة الحكومية وانا اتفق مع الملحم في بعض اجاباته اذ لا ننسى حتى نحصل على السعر المنافس والخدمة الجيدة لابد ان يكون هناك حرية تنافس ومتنافسين احرار يحكم بقاؤهم في السوق السعر والخدمة حسب العرض والطلب واكبر دليل على ذلك قطاع الاتصالات عندما بدأ يعمل بنظام السوق المفتوحة ووجد متنافسون رأينا كيف تحسنت الخدمة

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s