افصحت غرفة تجارة وصناعة جدة [بيت التجارة] البارحة عن هويتها البصرية الأخيرة. لن اتطرق الى شكل ومضمون الشعار -وان كنت أبدي كامل تحفظي عليه فنياً وجوهرياً- انما لفت نظري تاريخ تأسيس الغرفة الذي تذيل الشعار واستقر على عام ١٩٤٣ كعام للتأسيس، وهذا خطأ تاريخي فادح يستوجب التصويب العاجل.
تأسست الغرفة التجارية في جدة في الخامس من ذي الحجة لعام ١٣٣٤ الموافق الثاني من اكتوبر لعام ١٩١٦.. وكان تأسيسها بناء على رغبة من تجار جدة، الذين رفعوا للشريف حسين بعيد ثورته العربية بشأن النظر في انشاء غرفة للتجارة “للنظر في الوسائل النافعة لتحسين حالة التجارة في ثغر [جدة] وتهيئة أسباب الحركة الحيوية في أسواقها”. وقد عُيّن السيد محمود محمد مراد كأول رئيس للغرفة التجارية بجدة، وتشكّلت لجنة من عُمد تجّار جدة في الكيان التأسيسي المصاحب لها. كما رافق تأسيسها تغطية صحفية من جريدة القبلة المكيّة، في العددين ١٥ و ١٦، حيث نقلت كلمة الشيخ مراد التي القاها في حفل الإفتتاح، الذي حضره حشد من مجتمع جدة التجاري والأعيان والقناصل، حيث “أديرت كؤوس المرطبات.”
وكانت الغرفة تستلم امر تنظيم البواخر التجارية الواردة من بومباي وكراتشي، والسنابيك العاملة بين موانئ البحر الأحمر وميناء جدة، وتصدر بيانات دورية مفصلّة بصحيفة القبلة، وعلى منشورات يجري تداولها في مرافق مؤسسة الميناء، تحتوي اعداد البضائع وأنواعها، لإعلام التجار بالفرص المتوفرة.
ونحن نلاحظ وجود اسم الشيخ محمود مراد، بارزا في كافة الاحتفالات الرسمية والمراسم العامة التي تلت تعيينه، كرئيس لغرفة التجارة. بل انه صعد كجهة تشريفية.. ففي العدد ٢٨٣ من جريدة القبلة (١٩ شعبان، ١٣٣٧ = مايو ١٩١٩) نلاحظ، مثلاً، ان رئيس الغرفة التجارية محمود مراد برفقة الشيخ سليمان قابل رئيس البلدية، قد استقبلا سوياً باخرة أمريكية تحمل عشرين ألف صندوق بترول، وردت الى ميناء جدة لغرض بيعها بالتجزئة على تجار جدة.
ومحمود مراد، هو ابن الشيخ محمد مراد، مُحرر مجلس ادارة جدة في اول عهد الشريف عون الرفيق، وهو احد الرجال الذين عملوا مع موسى افندي البغدادي وكيل الشريف في جدة، وقائمقام جدة الأسبق، ومنافس عمر نصيف على منصب وكالة الامارة في جدة.